عندما تجرى غدا الجمعة قرعة نهائيات بطولة كأس العالم 2010 لكرة القدم في مدينة كيب تاون بجنوب أفريقيا ستقتصر المشاركة العربية في البطولة على فريق وحيد هو المنتخب الجزائري.
وتأهل المنتخب الجزائري للنهائيات على حساب منافس عنيد وقوي هو المنتخب المصري بطل أفريقيا بعد مباراة فاصلة بين الفريقين في السودان.
وتحظى الكرة العربية بمشاركة هزيلة للغاية في أول بطولة كأس عالم للكبار في القارة السمراء حيث ستشهد البطولة أقل عدد من الفرق العربية في النهائيات على مدار بطولات كأس العالم منذ عام 1974 عندما كان إجمالي عدد منتخبات البطولة 16 منتخبا فقط.
وعلى مدار ثماني بطولات أقيمت بعد ذلك نجحت عدة منتخبات عربية في حجز مقاعدها بالنهائيات مثل تونس والسعودية ومصر والمغرب والإمارات.
وفي بطولة كأس العالم 1998 بفرنسا وصل عدد المنتخبات الناطقة باللغة العربية في النهائيات أربعة منتخبات مقابل ثلاثة منتخبات في كأس العالم الماضية التي استضافتها ألمانيا عام 2006 .
ولكن منتخبات منطقة الشرق الأوسط سقطت جميعها في التصفيات المؤهلة لنهائيات كأس العالم ، فخرج المنتخب التونسي من التصفيات في اللحظات الأخيرة بسبب الأخطاء الدفاعية في مباراة الفريق أمام مضيفه الموزمبيقي في الجولة الأخيرة من التصفيات الأفريقية المؤهلة بينما كان الفريق بحاجة إلى الفوز من أجل التأهل للنهائيات.
وخسر المنتخب التونسي صفر/1 أمام نظيره الموزمبيقي ليمنح بطاقة التاهل إلى المنتخب النيجيري الذي تغلب على مضيفه الكيني 3/2 في المباراة الثانية بالمجموعة نفسها في التصفيات.
وصرح المدرب الألماني فولفجانج سيدكا المدير الفني السابق لكل من المنتخبين البحريني والقطري لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) قائلا إنه من الضروري الفصل بين منتخبات الدول العربية في الشمال الأفريقي ومنتخبات دول الشرق الأوسط.
وأوضح :"بالنظر إلى الدول التي تخوض التصفيات ضمن القارة الأسيوية يتبين أنها تخوض المنافسة أمام منتخبات قوية للغاية مثل كوريا الجنوبية واليابان. ومنذ انضمام أستراليا إلى الاتحاد الأسيوي لكرة القدم ، أصبح الأمر أكثر صعوبة على هذه المنتخبات العربية في طريق التأهل للنهائيات".
وأضاف :"ولذلك لا أقول إن تأهل أي من منتخبات أستراليا واليابان وكوريا الجنوبية إلى نهائيات كأس العالم 2010 بجنوب أفريقيا لم يكن متوقعا. والمفاجأة كانت تفوق منتخب كوريا الشمالية في التصفيات على منتخبات السعودية وإيران والإمارات".
وقال سيدكا إن دول الشرق الأوسط وخاصة دول الخليج ضخت استثمارات هائلة لتطوير كرة القدم فيها. وأشار إلى أن "السعودية بذلت جهدا كبيرا على مدار فترة طويلة وعملت بالتعاون الوطيد مع المدربين واللاعبين البرازيليين".
وأضاف سيدكا أن البحرين كانت أقرب ما يكون إلى التأهل لنهائيات كأس العالم في جنوب أفريقيا ، موضحا أن "مصير الفريق النهائي حسم من خلال دور فاصل من مباراتين. وأهدر المنتخب البحريني ضربة جزاء في مباراة الإياب التي انتهت بفوز المنتخب النيوزيلندي على ملعبه (بعدما تعادل الفريقان سلبيا في مباراة الذهاب بالبحرين). ولو أحرز المنتخب البحريني ضربة الجزاء لربما كان في هذه القرعة على حساب منافسه النيوزيلندي".
ولو تأهل المنتخب البحريني إلى النهائيات كانت بلاده ستصبح أصغر دولة من حيث التعداد السكاني تشارك في نهائيات كأس العالم على مدار تاريخ البطولة.
وقال سيدكا :"هذه هي المشكلة الرئيسية التي تواجه عددا من دول الشرق الأوسط. لأن هذه الدول ليس لديها القاعدة العريضة من اللاعبين التي تختار منها لاعبي المنتخبات.. ورغم كل الموارد التي تتمتع بها هذه الدول يتوقف نجاحها الكروي على ما يمكن لمنتخباتها أن تحققه لأن المال لا يشتري النجاح إذا لم يكن هناك لاعبون".
وتابع سيدكا /55 عاما/ أن بعض الدول مثل قطر والبحرين حرصت على السعي وراء اكتشاف بعض المواهب في القارة الأفريقية وتجنيسها من أجل تدعيم منتخباتها.
وأوضح :"تمتلك قطر أيضا واحدة من أكثر مراكز تطوير الرياضة تقدما في العالم وهو أكاديمية أسباير. وساهمت هذه الأكاديمية في تطوير معايير كرة القدم بشكل هائل في هذا البلد. والمشاركة في نهائيات كأس العالم لن تكون في المستقبل مجرد حلم".
وأضاف :"شاهدت المنتخب القطري مؤخرا في مباراة ودية أمام نظيره البلجيكي وعلى الرغم من فوز المنتخب البلجيكي لم يكن الفارق هائلا بين مستوى كل من الفريقين".
وقال سيدكا ، الذي عاد إلى ألمانيا للتدريب هناك مجددا ، إن التصفيات في القارة الأفريقية تختلف تماما لأنها مواجهة بين المنتخبات العربية في الشمال الأفريقي والتي تتميز بالأسلوب الخططي ونظيراتها في باقي أنحاء القارة والتي تعتمد في الأداء على القوة البدنية بشكل كبير.
وأوضح :"تأهل منتخبات نيجيريا وغانا والكاميرون وكوت ديفوار إلى النهائيات لم يكن مفاجأة. وأعتقد أن المفاجأة الكبرى كانت تأهل المنتخب الجزائري على حساب نظيره المصري".
وأعرب سيدكا عن ثقته في أن فشل المنتخبات العربية في التأهل لنهائيات كأس العالم هذه المرة ليس مؤشرا لحدوث تغييرات في المستقبل.
وقال :"إذا نظرت إلى ما فعلته دولة مثل ألمانيا بعد خيبة الأمل التي مني بها المنتخب الألماني في كأس الأمم الأوروبية عام 2000 ، نجد أنهم لجأوا إلى برنامج قوي لتطوير قطاع الشباب وحصدوا الثمار".
وأضاف سيدكا أن "الدول الناطقة بالعربية ستعود مجددا وستلعب دورا في كرة القدم الدولية".