أيها المارون بين الكلمات العابرة..قصيدة شاعر المقاومة الفلسطيني إعداد - مي كمال الدين |
| | | محمود درويش |
| | اخترنا اليوم في قصيدة العدد إحدى قصائد شاعر القضية الفلسطينية والمقاومة الراحل محمود درويش، هذا الشاعر الذي حمل هم قضية بلاده فلسطين داخل قلبه فكانت صاحبة حضور قوي بمعظم قصائده، واليوم ونحن نسكب من أعيننا دماً لا دموعاً على ضحايا الاعتداءات الآثمة في غزة، نأتي لنذكر واحدة من قصائد هذا الشاعر الفلسطيني، الذي كان شعره لسان حال الفلسطينيين والعرب.
وقد تعرض شاعرنا الراحل درويش للملاحقة من قبل قوات الأمن الإسرائيلية وسجن أكثر من مرة كما فرضت عليه الإقامة الجبرية بسبب نشاطه السياسي، وهو أحد الشعراء الذين انطلق شعرهم الفلسطيني الحر ليسمع الأفاق، كما كان منضماً لفترة لمنظمة التحرير الفلسطينية. نذكر من أعماله: عصافير بلا أجنحة، أوراق الزيتون، عاشق من فلسطين، آخر الليل، مطر ناعم في خريف بعيد، يوميات الحزن العادي، يوميات جرح فلسطيني، شيء عن الوطن، ذاكرة للنسيان، وداعا أيتها الحرب وداعا أيها السلم، كزهر اللوز أو أبعد، في حضرة الغياب، لماذا تركت الحصان وحيدا؟، بطاقة هوية، وغيرها العديد من الأشعار والقصائد الرائعة.
أيها المارون بين الكلمات العابرة.. احملوا أسماءكم، وانصرفوا واسحبوا ساعاتكم من وقتنا، وانصرفوا واسرقوا ما شئتم من زرقة البحر ورمل الذاكرة.. وخذوا ما شئتم من صورٍ، كي تعرفوا أنكم لن تعرفوا كيف يبني حجرٌ من أرضنا سقف السماء...
أيها المارون بين الكلمات العابرة.. منكم السيف.. ومنا دمنا منكم الفولاذ والنار.. ومنا لحمنا منكم دبابةٌ أخرى.. ومنا حجر منكم قنبلة الغاز.. ومنا المطر وعلينا ما عليكم من سماءٍ وهواء فخذوا حصتكم من دمنا، وانصرفوا وادخلوا حفل عشاء راقص.. وانصرفوا وعلينا، نحن، أن نحرس ورد الشهداء.. وعلينا، نحن، أن نحيا كما نشاء!!
أيها المارون بين الكلمات العابرة.. كالغبار المرّ، مرّوا أينما شئتم ولكن لا تمروا بيننا كالحشرات الطائرة خلنا في أرضنا ما نعملُ ولنا قمحٌ نربيه ونسقيه ندى أجسادنا ولنا ما ليس يرضيكم هنا: حجرٌ.. أو خجلُ فخذوا الماضي، إذا شئتم إلى سوق التحف وأعيدوا الهيكل العظميّ للهدهد، إن شئتم، على صحن خزف.. فلنا ما ليس يرضيكم: لنا المستقبلُ ولنا في أرضنا ما نعملُ...
أيها المارون بين الكلمات العابرة.. كدسوا أوهامكم في حفرةٍ مهجورةٍ، وانصرفوا وأعيدوا عقرب الوقت إلى شرعية العجل المقدس أو إلى توقيت موسيقى مسدس! فلنا ما ليس يرضيكم هنا، فانصرفوا ولنا ما ليس فيكم: وطن ينزف شعبا ينزف وطناً يصلح للنسيان أو للذاكرة..
أيها المارون بين الكلمات العابرة، آن أن تنصرفوا.. وتقيموا أينما شئتم، ولكن لا تقيموا بيننا آن أن تنصرفوا.. ولتموتوا أينما شئتم، ولكن لا تموتوا بيننا فلنا في أرضنا ما نعملُ ولنا الماضي هنا ولنا صوت الحياة الأول ولنا الحاضرُ، والحاضر، والمستقبل ولنا الدنيا هنا.. والآخرة. فاخرجوا من أرضنا.. من برنا.. من بحرنا.. من قمحنا.. من ملحنا.. من جرحنا من كلّ شيء، واخرجوا.. من ذكريات الذاكرة أيها المارون بين الكلمات العابرة... |