وماذا بعدها غير الموت

هكذا كانت تخون :

في هذا العالم الحقود،عالم الحب الكاذب،وعالم الغدر والخيانات،عندما
تتشرَّب الأخلاق والمبادئ بمياه الخيانة،وتختبئ الشمس خلف قناعات
الخداع،فلا نملك إلا أن نعلن الهروب إلى سجون الوحدة وزنزانات
الانعزال،....اليوم لدينا ضحية جديدة طالتها أنياب الغدر وأظفار الخيانة
،جريمة بشعة دفع ثمنها شاب من أفضل الشبان التي مشتْ على سطح الأرض،..إنه
(لورنز)...

طالب الطب البشري الذي يُعتبر المثل الأعلى لكل طلاب الطب ولكل الشباب على
الإطلاق،طبعاً على صعيد الأخلاق والتعامل والوعي والسلوك،ذكي،سريع
البديهة،سموح، متفهم...غير أنه كان جديَّاً إلى أبعد الحدود،عاش مع كتبه
على مقعده الخشبي،لم يعرف شيئاً أبداً خارج نطاق كتبه والصحف والثقافة
العامة...

لم يدخل الحب يوماً إلى قلبه ولم يعرف الهوى له من سبيل،لم يكنْ يشعر
بالنقص على أي حال،...يمشي ويدفن رأسه بين كتفيه وسرعان ما يتفجر ويتصبب
جلده عرقاً إذا ظهرت أمامه فتاة تمشي على الرصيف،كان يهرب إلى الرصيف
المقابل،هذا هو لورنز....وفي إحدى الجلسات العملية سمع أحد رفاقه يتباهى
بأفعاله ويقول:خرجنا معاً أنا وإحدى الفتيات،تعانقنا وتعانقت شفاهنا،....

هنا احمر وجه لورنز، وتفجر غضباً صرخ بهم،تناول كتبه وخرج إلى بيته،ولما
حان موعد نومه المبكر،وضع رأسه على الوسادة وأغمض عينيه ليبدأ كلام زميله
يغزو أفكاره،استمر على هذه الحالة مدة شهرين، وهنا بدأ يتغير سلوك لورنز
تجاه الجنس الآخر،قرر أن يأخذ فرصته ويجرب الدخول في ميدان الحب ومغامرات
الشباب،وتترجم هذا عندما نزل من شقته هذا الصباح وألقى التحية على ابنة
جيرانهم التي ذهلت وصُعِقت لما سمعت،هل هذا لورنز،وراحت تحدق به وتحدق به
وتحدق به،محال ...لا..لا..إنه لورنز،وسرعان ما عُقِد المؤتمر النسوي لبنات
الحي يناقشن أمر وموضوع لورنز هذا الصباح..

في طريقه إلى الجامعة قرر أن يشتري باقة من الأزهار،يحملها في يديه،وقف
أمام بائع الورد العجوز،لكنه أحس بالدماء تسري في عروقه لأول مرة في حياته
سمع نبضات قلبه تصرخ وتتراكض،رأى أمام بائع الورد ملاكاً يمشي على الأرض
،لستُ أبالغ فهي أكثر من ذلك بالنسبة للورنز،كانت تشتري الأزهار
أيضاً،لاطفها البائع بسؤال عارض :يا ابنتي لمن سوف تهدين هذه الأزهار؟...

لاحظت وجود لورنز خلفها،فقالت بحسرة وتوجع: سأهديها لنفسي يا عمي،سأضعها في
مزهريتي،كم كنت أحلم بأن يهديني إياها شاب وسيم وأنيق حسن الخلق والسلوك
وذو مكانة اجتماعية عالية،أحسَّ لورنز أنه هو المقصود وبدون وعي منه أو
إدراك،خطف الأزهار من يدي العجوز،وأهداها للفتاة،ودار بينهما التعارف
التقليدي، والروتين الشهير في عالم الحب،والاتصالات ،والمواعيد...

وبعد مرور عامين على هذه الحالة العاطفية،وفي سنة تخرُّج لورنز من
الجامعة،وقعتْ مأساة بحق الإنسانية،...قصد لورنز ذلك المقهى الذي تعوَّدا
الجلوس فيه ليحتسي القهوة،ولكن دون موعد مسبق مع حبيبته،جلس هناك،...وهناك
مات...

لقد رآها تجلس على الطاولة المجاورة،وضعت حقيبتها على حرْف الطاولة،لم يذهب
إليها لورنز،فأراد أن يصنع لها مفاجأة بعد وصول القهوة وهنا قامت بإسقاط
حقيبتها عمداً أمام أحد الشبان المارَّة من بين الطاولات،..تناول الحقيبة
كما هو مخطط وأعطاها لها،قائلاً تفضلي يا سيدتي...

ضحكت ضحكة هزَّتْ عرش لورنز،شكرته وأفرطت في شكره،عرضت عليه أن يشاركها
فنجان قهوتها،وجلسا معاً،وبعد حوار قصير وتعارف قالت له:كم كنت أحلم أن
أكون برفقة شاب أنيق ووسيم،حسن الأخلاق وذو مكانة عالية،تماماً مثلك
أنت،سمع لورنز هذه الكلمات مرة أخرى،وهنا أدرك كم كان غبياً وأحمقاً.

ترك المقهى باكياً وعاد إلى بيته و الدموع تفضحه والحسرة تخنقه،انقطع عن
دوامه لفترة طويلة.

وبعد أسابيع وقف أمام المرآة وأقسم أنه لن يسقط مرة أخرى،...وعاد إلى شخصية
لورنز القديم مع جرح نازف يصرخ بداخله،واختص بعد تخرجه بالجراحة النسائية
والولادات..

وبرع في اختصاصه فأصبح الطبيب الأول في بلدته بل وفي مدينته،وبعد مرور عدة
سنوات، شاءت الأقدار أن ينزف الجرح القديم مرة أخرى...في ليل شتوي شديد
البرودة،وبعد منتصف الليل،رنَّ جرس الهاتف،فإذا به رجل خائف مضطرب يقول
أرجوك أرجوك أيها الطبيب،زوجتي سوف تلد الآن وتحتاج لعمل قيصري،أرجوك
ساعدني،..أمره لورنز بالتوجه إلى العيادة ..وهناك طلب إليه أن يساعد زوجته
في الجلوس على السرير ريثما يجهز هو أدوات الجراحة،..وهنا وقعت الحادثة
الكبرى....

نظر إليها...إنها هي...نعم هي..حبيبته الخائنة ومشتْ عساكر وجنود الانتقام
في عروق لورنز،إنها لا تساوي ضربة عابرة بمشرطي هذا، فكَّر بالانتقام
منها،أراد قتلها،..

استيقظ على صوت الرجل يقول :أرجوك أيها الطبيب ابذل كل جهدك،أريد أن أصبح
أباً،وأريد زوجتي،وهنا هدأت نيران الثأر المضطرمة،وانتهت العملية
بنجاح،ولمزيد من الطمأنينة،فحص لورنز الزمر الدموية للعائلة،ولكنه وجد أن
هذا الطفل ليس من ذلك الرجل وذلك حسب مبدأ الوراثة المعروفة طبياً،ثم إن
هذا الرجل ليس هو صاحب المقهى،ذهب إليها،همس في أذنها: ابن من هذا
الطفل؟؟..

راحت في غيبوبة لمدة ساعتين، استيقظت بعدها لتجد ورقة طلاقها في يدها،صرخت
وبكت كثيراً،وضربت جرحها الجديد،فنزفت الدماء منها حتى ماتت،وبقي الطفل عند
لورنز كآخر ذكرى من حبيبته الخائنة...

وماذا بعدها غير الموت 19fd5e3493e169d287004baa2816347b

وماذا بعدها غير الموت 19fd5e3493e169d287004baa2816347b

يسلمووووووووووا ايديك

اهلا بيك ميرسي على الاطلالة الحلوة
شكرا شكرا شكرا

وووووووووووووو
ربنا يسترنا
مرسي عماد

شكرا شكرا شكرا